راحت القافلة تخوض الصحراء ، يقودها عزيف الناى ، و دق الطبول ، و الصمت من حولها محيط ، و لا يبدو أن لشيئ نهاية . و خطر لى أن أتساءل عن الموضع الذى يحب صاحب القافلة أن يسير فيه .
سمعنى جار فقال :
فى مقدمة القافلة كما يليق بمقامه ، و لكن ماذا دعاك للسؤال ؟
و إذا بجار آخر يقول :
بل لعله فى المؤخرة ليراقب كل حركة ، ماذا يهمك من ذلك ؟
و لم أجد ما أجيب به . و ظننت أن الأمر انتهى ، و أننى سأعرف الجواب عند انتهاء الرحلة .
و لكنى وجدت الرءوس تتقارب ، و الأعين تسترق النظر إلى ، و الريبة تتفشى فى الجميع . رباه كيف أقنعهم بأننى لم أقصد سوءا . و أننى لا أقل عن أى منهم ولاء للرجل ؟
و دنا منى رجل صارم الوجه و قال لى :
"إترك القافلة و دعنا فى سلام" .
و لم أر بدا من الخروج لأجد نفسى فى خلاء مطبق و كرب مقيم .
نجيب محفوظ
" أصداء السيرة الذاتية"
السلام عليكم و رحمة الله
شرين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق