ربما كانت المتاعب التى تعانيها بابا إلى خير مجهول و رب ضارة نافعة و رب محنة فى طيها منحة. ربما لو أحسنا التصرف فى المتاعب لنفذنا منها إلى مستقبل أطيب. "بسم الله الرحمن الرحيم.. و عسى أن تكرهوا شيئا و هو خير لكم و عسى أن تحبوا شيئا و هو شر لكم و الله يعلم و أنتم لا تعلمون.. صدق الله العظيم".إن المتاعب و الآلام هى التربة التى تنبت فيها بذور الرجولة. يمكن أن تحول ما أنت فيه من كدر و طين إلى ورود و رياحين.
من أين أتتنا الفكرة القائلة أن الحياة الرغدة المستقرة الهادئة الخالية من الصعاب و العقبات تخلق سعداء الرجال؟ إن الأمر على العكس. إن السعادة أسلمت قيادها لرجال من بيئات فيها الطيب و فيها الخبيث، و فيها التى لا تميز بين طيب و خبيث. و ليس كل امرىء يؤتى القدرة على تحويل قسمته المكروهة إلى حظ مستحب ذى جدوى، فإن عشاق الشكوى أفشل الناس فى إشراب حياتهم معنى السعادة إذا جفت منها، أو بتعبير أصح إذا لم تجيئ وفق ما يشتهون. أما أصحاب اليقين و أولو العزم فهم يلقون الحياة بما فى أنفسهم من رحابة قبل أن تلقاهم بما فيها من عنت. و كما يفرز الجسم عصارة معينة لمقاومة الجراثيم الهاجمة يفرز هؤلاء معانى خاصة تمتزج بأحوال الحياة و أغيارها فتعطيها موضوعا و عنوانا جديدين.
و اسمع إلى ابن تيمية و هو يقول - مستهينا بتنكيل خصومه:
إن سجنى خلوة..
و نفيى سياحة..
و قتلى شهادة..
من قديم عرف تفاوت الهمم باختلاف الطاقات فى الإفادة من الشدائد، و الكسب من الظروف الحرجة. و عندما فقد عبد الله بن عباس عينيه قال:
إن يأخذ الله من عينى نورهما ففى لسانى و سمعى منهما نور
قلبى ذكى و عقلى غير ذى دخل و فى فمى صارم كالسيف مأثور
و قال بشار بن برد:
إذا أبصر المرء المروءة و التقى فإن عمى العينين ليس يضير
السلام عليكم و رحمة الله
شرين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق