أشار قوم بالفناء إلى سقوط الأوصاف الذميمة ، و أشاروا بالبقاء إلى بروز الأوصاف المحمودة ، و إذا كان العبد لا يخلو من أحد هذين النوعين من الأوصاف فمن المعلوم أنه إذا لم يوجد عند الإنسان أحد القسمين وجد الآخر لا محالة ، فمن فنى عن أوصافه الذميمة ظهرت عليه الصفات المحمودة ، و من غلبت عليه الصفات المذمومة استترت عنه الصفات المحمودة .
و اعلم أن ما يتصف به العبد يشمل أفعالا و أخلاقا و أحوالا : فالأفعال هى تصرفات الإنسان باختياره ، و الأخلاق جبلة فيه ، و لكنها تتغير بمعالجته حسب استمرار عاداته ، و أما الأحوال فإنها ترد على العبد على وجه الإبتداء ، و لكن صفاءها بعد زكاء الأعمال ، فهى كالأخلاق من هذا الوجه ، لأن العبد إذا نازل الأخلاق بقلبه فينفى بجهده سفسافها من الله عليه بتحسين أخلاقه ، فكذلك إذا واظب على تزكية أفعاله ببذل ما وسعه من الله عليه بتصفية أحواله ، بل بتوفية أحواله .
يقول الشاعر :
فقوم تاه فى أرض بقفر .. و قوم تاه فى ميدان حبه
فأفنوا ثم أفنوا ثم أفنوا .. و أبقوا بالبقا من قرب ربه
فالأول فناء عن نفسه و صفاته ببقائه بصفات الحق ، ثم فناؤه عن شهود فنائه باستهلاكه فى وجود الحق .
السلام عليكم و رحمة الله
شرين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق