الجمعة، 11 يونيو 2010

الأنس بالله




القلب إذا سكن لله تأنس به . فبداية الأنس نظرك إلى الله عز و جل بعين الكرم فيبدو منك الرجاء فى كرمه و حسن الظن به ، فيزيد من أجل ذلك بسطك ، فإن البسط ضرب من الأنس ، بل البسط غصن و الأنس ثماره ، و البسط فوق الرجاء .. فمتى تزايد نظرك إليه بعين الكرم و حسن الظن به زاد أنسك به على قدر علمك بكرمه و لطفه . فإن تأمل العبد معنى ذكره بقلبه ، و واظبه فى خلوته ، صار له ربه فى سره أنيسا ، و كان له عند ذكره جليسا . و هذا ضرب من الأنس بمعنى الذكر ، ثم يتهيأ لمجالسة القضاء بالتسليم على بساط الرضى فينظر إلى البلوى بتأمل عواقبها فيجد ظاهرها مدارجا قل الوارد عليها من أجل وعر صعودها ، و يجد باطنها غرفا فوق المدارج ممهدة بفرش ، محفوفة بنور التوفيق و سراج الهداية ، و أبوابها مفتوحة إلى رياض العناية ، و فيها أسرة قوائمها من الخصوصية لا ينزلها من لم تكن له من الملك قربة ، ثم ينظر إلى النعيم بعين الحقيقة فيجد ظاهرها عمودا قائما نحو السماء لا تثبت فى صعوده قدم لمن كشف عن نفسه لبسة الشكر ، و يجد باطنها قصرا مشيدا على رأس العمود ، قد أسس أساسه بالشكر ، و علت جدرانه بمعرفة المنة ، و طنب ( حبل تشد به الخيمة أو الخباء ) سقفه برؤية الجود ، و فرشه من ملاحظة الفضل ، لا ينزله من لم يكن عند الله عز و جل بمكان .


فإن فعل العبد ذلك و رافقه التوفيق ، قعد تارة فى غرف البلوى ، و تارة فى قصر النعمة ، مصروفة همته فى الموضعين لمولاه ، فيكون تارة فى قصر النعمة جليسه ، و تارة فى غرف البلوى أنيسه ، فلا النعمة تشغله عن مجالسته و لا البلوى توحشه من مؤانسته . و هذا ضرب من الأنس بالله عز و جل باليقين و المعرفة على كل حال . فالأنس من سمات أهل الولاية و المنزلة الرفيعة . و حين قيل لرابعة العدوية : بما نلت هذه المنزلة ؟ ( يعنى منزلة الولاية ) قالت : بتركى ما لا يعنينى و أنسى بالله سبحانه .




السلام عليكم و رحمة الله


شرين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق