الأحد، 25 أكتوبر 2009

مفهوم السعادة




إن السعادة معنى لا يقاس بالكم، و لا تحويه الخزائن، إنها صفاء نفس و طمأنينة قلب و انشراح صدر، و راحة ضمير، و عمل يعقبه راحة و نجاح و سرور..قال ربنا سبحانه و تعالى: "من عمل صالحا من ذكر أو أنثى و هو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة و لنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون" ( سورة النحل - 97 ). و لا يمكن إدراكها بكثرة مال أو جاه أو سلطان و لا يأتى بها الحرص و الطمع بل الرضا فى جميع الأحوال و القناعة فى أسمى معانيها. قال سبحانه و تعالى : "ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها". ( سورة فاطر - 2 ). و لا يأتى بها الغضب و البطش بل العفو و الحلم، قال سبحانه و تعالى: "و لمن صبر و غفر إن ذلك لمن عزم الأمور".




إن السعادة لا يمكن الوصول إليها بكنوز الفضة و الذهب لأنها أغلى من كنوز الدنيا كلها، قال تعالى: "أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه". ( سورة الزمر - 22 ). و قال سبحانه: "و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا و إن الله لمع المحسنين". ( سورة العنكبوت - 69 )




إبحث فى داخلك، ففى أعماقك تجد كنزا ثمينا حين تكتشفه تعرف معنى الحياة، و طعم السعادة، و صدق الشاعر إذ يقول:


دواؤك فيك و لا تبصر..و داؤك منك و ما تشعر


و تزعم أنك جرم صغير..و فيك انطوى العالم الأكبر


إن السعادة لا تفتح بابها إلا لأهل الود و الإستقامة، و لا يشعر بها إلا المخلصون البررة. و الحق أن السعادة فى نظر الفضلاء هى تقوى الله، و مراقبته فى السر و العلن،هى الروح المهذبة، و القول الرشيد، و الصنعة الرفيعة. إن السعادة لا تأتى من فراغ إنما هى نتاج عمل دءوب، و مجاهدة نفس و حمل على المكاره، و من بين الأسباب الموصلة إليها:


عبادة الله :


أولا : أداء الفرائض :


يقول ربنا سبحانه و تعالى فى الحديث القدسى : "و ما تقرب إلى عبدى بشيئ أحب إلى مما افترضته عليه".


ثانيا : النوافل :


يقول سبحانه و تعالى فى الحديث القدسى : "و ما يزال عبدى يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه".


ثالثا : الذكر :


ذكر الله شفاء و دواء و يكفى الذاكر فخرا أن الله يذكره فى العالم العلوى ما دام الإنسان ذاكرا لربه قال تعالى : "فاذكرونى أذكركم" ( سورة البقرة - 152 ). كما أن ذكر الله فيه طمأنينة للقلوب و راحة للنفوس و انشراح للصدور، قال عز و جل: "ألا بذكر الله تطمئن القلوب" ( سورة الرعد - 28 ).


يقول ابن القيم رحمه الله حضرت شيخ الإسلام ابن تيمية مرة فصلى الفجر ثم جلس يذكر الله إلى قريب من منتصف النهار، ثم التفت إلى و قال لى: "هذه غدوتى لو لم أتغذها لم تحملنى قواى".


رابعا : قراءة القرآن :


إن فى قراءة القرآن و العمل به شفاء للأبدان و النفوس، قال سبحانه و تعالى: "و ننزل من القرآن ما هو شفاء و رحمة للمؤمنين و لا يزيد الظالمين إلا خسارا". ( سورة الإسراء - 82 ).


خامسا : البر بأنواعه :


لا شيئ يورث الرضا و السعادة بقدر ما يورثها البر و الإحسان، قال سبحانه و تعالى : "إن الأبرار لفى نعيم". ( سورة الإنفطار - 13 ).


يقول ابن تيمية رحمه الله : ( إنه لتمر بالقلب ساعات يرقص فيها طربا، حتى إننى أقول: إن كان أهل الجنة فى مثل ما أنا فإنهم لفى عيش طيب ).


و يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم : " الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك".




الإيمان :


قال سبحانه و تعالى : "فمن اتبع هداى فلا يضل و لا يشقى". ( سورة طه - 123 ).




الرضا :


يحدثنا التاريخ أن سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه كف بصره، و كان مجاب الدعوة، فربما جاءه الناس فدعا لهم فاستجاب الله دعاءه، فقال له قائل : لم لا تدعو لنفسك يا سعد؟ قال: يا بنى..قضاء الله عندى أحسن من بصرى.




السعادة و التعامل :


الإحسان إلى الناس من أعظم أبواب السعادة، و قديما قال الشاعر:

أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم..فطالما استعبد الإنسان إحسان

و يقول صلى الله عليه و سلم: "إن أحبكم إلى و أقربكم منى مجلسا يوم القيامة أحسنكم أخلاقا، الموطئون أكنافا، الذين يألفون و يؤلفون".

و قد روى عن بعض السلف أنه كان يقول : ( إنه لتكون بينى و بين الرجل الخصومة، فيلقانى فيلقى على السلام فيلين له قلبى ).

إن تخفيف النكبات على الآخرين و طلاقة و بشر الوجه و العفوية و التماس الأعذار و عدم البحث عن سلبيات الآخرين كلها تجلب السعادة، قال سبحانه و تعالى : "خذ العفو و أمر بالعرف و أعرض عن الجاهلين". ( سورة الأعراف - 199 ).

و فى الحديث الشريف : "أعط من حرمك، و اعف عمن ظلمك، و ابذل نداك، و كف أذاك، و تعاهد من وصلته بمعروف جديد، تجد السعادة فى عالمك".


السعادة و القناعة :

السعيد ليس من ينال كل ما يرغب، و إنما السعيد من يقنع بما أعطاه الله عز و جل. قال صلى الله عليه و سلم : " من أصبح منكم آمنا فى سربه، معافى فى بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا".

و أخيرا الإستقامة، يقول سبحانه و تعالى: " و ألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا". ( سورة الجن - 16 ).


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

شرين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق